سورة التوبة - تفسير تفسير ابن عبد السلام

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (التوبة)


        


{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (34)}
{بِالْبَاطِلِ} جميع الوجوه المحرمة، أو الرِّشا في الحكم. {يَكْنِزُونَ} الكنز الذي توعد عليه كل ما لم تؤدَّ زكاته مدفوناً أو غير مدفون، أو ما زاد على أربعة آلاف درهم أُديت زكاته أو لم تؤدَّ، والأربعة آلاف فما دونها ليست بكنز، قاله علي رضي الله تعالى عنه، أو ما فضل من المال عن الحاجة، ولما نزلت قال الرسول صلى الله عليه وسلم: «تباً للذهب والفضة»، فقال له عمر رضي الله تعالى عنه: إن أصحابك قد شق عليهم وقالوا فأي المال نتخذ، فقال: «لساناً ذاكراً وقلباً شاكراً، وزوجة مؤمنة تعين أحدكم على دينه» ومات رجل من أهل الصُّفة فوجد في مئزره دينار، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: «كَيَّة» ومات آخر فوجد في مئزره ديناران، فقال «كيَّتان» والكنز في اللغة كل مجموع بعضه إلى بعض ظاهراً كان أو مدفوناً، ومنه كنز التمر. {وَلا يُنفِقُونَهَا} الكنوز، أو الفضة اكتفى بذكر أحدهما، قال:
إن شرخ الشباب والشعر الأسود *** ما لم يُعَاصَ كان جنونا
ولم يقل: يعاصيا.


{إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ (36) إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُحِلُّونَهُ عَامًا وَيُحَرِّمُونَهُ عَامًا لِيُوَاطِئُوا عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ فَيُحِلُّوا مَا حَرَّمَ اللَّهُ زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمَالِهِمْ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ (37)}
{حُرُمٌ} لعظم انتهاك الحرمات فيها، {الدِّينُ الْقَيِّمُ} الحساب المستقيم، أو القضاء الحق. {فَلا تَظْلِمُواْ فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ} بالمعاصي في الإثني عشر، أو في الأربعة، أو فلا تظلموها في الأربعة بعد تحريم الله تعالى لها، أو لا تظلموها بترك قتل عدوكم فيها.
{النَّسِىءُ} كانوا يؤخرون السنة أحد عشر يوماً حتى يجعلوا المحرم صفراً أو كانوا يؤخرون الحج في كل سنتين شهراً، قال مجاهد: حج المشركون في ذي الحجة عامين ثم حجوا في المحرم عامين ثم حجوا في صفر عامين ثم في ذي القعدة عامين الثاني منهما حجة أبي بكر، ثم حج الرسول صلى الله عليه وسلم من قابل في ذي الحجة، وقال: «إن الزمان قد استدار كهيئته» وكان ينادي بالنسيء في الموسم بنو كنانة قال شاعرهم:
ألسنا الناسئين على معد *** شهور الحل نجعلها حراما
وأول من نسأ الشهور سرير بن ثعلبة بن الحارث بن مالك بن كنانة، أو القلمس الأكبر، وهو عدي بن عامر بن ثعلبة بن الحارث، وآخر من نسأها إلى أن نزل تحريمها سنة عشر أبو ثُمامة جُنادة بن عوف، وكان ينادي إذا نسأها في كل عام إلا إن أبا ثمامة لا يحاب ولا يعاب. {لِّيُوَاطِئُواْ} ليوافقوا عدة الأربعة فيحرموا أربعة كما حرم الله تعالى أربعة. {سُوءُ أَعْمَالِهِمْ} من تحريم ما أحل الله وتحليل ما حرم، أو الربا.


{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآَخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآَخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ (38)}
{انفِرُواْ} لما دعوا لى غزوة تبوك تثاقلوا، فنزلت. {الأَرْضِ} الإقامة بأوطانكم وأرضكم، دعوا إلى ذلك في شدة الحر وإدراك الثمار، أو اطمأنوا إلى الدنيا فسماها أرضاً {أَرَضِيتُم} بمنافع الدنيا بدلاً من ثواب الآخرة.

4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11